الهلام الهوائي .. أخف مادة صنعها البشر
شبكة العاصمة اونلاين – خاص
ابراهيم العبدان
هل يمكنك أن تتخيل مادة ما يبلغ حجم الكيلوغرام الواحد منها ما يزيد عن حجم غرفة عادية!، إنه الهواء الهلامي أو “إيروجل Aerogel”، أخف مادة صنعها البشر لحد الآن، مادة منخفضة الكثافة (حيث تبلغ كثافتها 0.9 مليغرام لكل سنتيمتر مكعب) استبدل فيها المحتوى السائل للمادة بالغاز، أدى إلى اكتشاف عظيم جداً لمادة ذات خواص متعددة، أهمها قدرتها الكبيرة على العزل الحراري. كذلك فإنها شفافة ولها ملمس رغوي.
تعود قصة تصنيعها لأول مرة لرهان غريب بين باحثين، إذ كان العالم ستيفن كستلر أول من كشف عنها الستار عام 1931، بعد رهان تشارلز ليرند معه لإستبدال المحتوى السائل في إناء من الفواكه المحفوظة بالغاز دون حدوث إنكماش.
ورغم أنّ هذه المادة تدعى بالجيل الهوائي، إلا أنّ هذا الاسم مضلل قليلاً فالمادة أساساً جافة وليست كالجيل في الخصائص الفيزيائية، لكن حقيقة الاسم تعود لتشابه فعل الضغط على الجيل وهذه المادة، فكما أن الضغط لا يترك أثراً على الجيل عادة، فإنه ليس للضغط أي آثر على مادتنا هذه، إلا أن الضغط الشديد يؤدي إلى انهيار كارثي في بنية المادة الهلامية وتحطمها بشكل تفتيتي كالزجاج.
أهم الاستعمالات:
يعتبر الهلام الهوائي عازل حراري ممتاز وخفيف جداً، ويعتمد في ذلك أنه يلغي ثلاث من النواقل الحرارية (تيارات الحمل، التوصيل، والإشعاع)، والمفاجأة كذلك أنها موصلة جيدة للكهرباء!.
وتتنوع قدرات العزل بحسب نوع الهلام الهوائي، فهناك الايروجيل السيليكا ذو عزل حراري جيد، وهناك الايروجيل المعدني أقل فعالية في ذلك، ليأتي الايروجيل الكربون وهو عازل إشعاعي جيد لقدرة الكربون على امتصاص الإشعاعات تحت الحمراء التي تساعد على التوصيل الحراري عند درجات الحرارة الإعتيادية.
وعلى النطاق التجاري يستخدم الإيروجل كمادة عازلة للنوافذ (لاسيما الأيروجيل السيليكا الشفاف)، كذلك فهي تحد من فقدان الحرارة ضمن المباني، كذلك لها خاصية في امتصاص المواد الكيميائية لتنظيف الانسكابات، وجزيئات الأيروجيل تعتبر مادة مثخنة في بعض الدهانات ومستحضرات التجميل .
الجدير بالذكر هنا أن مركبات وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” تستخدم الأيروجيل لاصطياد جزيئات الغبار الفضائي من على متن المركبات الفضائية كستاردست، كذلك استخدمتها في العزل الحراري في مركبة المريخ “مارس روفر” والسترات الفضائية التي يرتديها رواد الفضاء.
وتدرس البحرية الأمريكية إمكانية استخدامها كملابس داخلية للحفاظ على حرارة أجسام الغواصين، ولها مستقبل واعد في مجال صناعة الأدوية.
كما أن شركة دنلوب أدرجت مؤخراً الأيروجيل ضمن سلاسل من مضارب التنس، علماً أنه جرى استخدامها مسبقاً في لعبتي الاسكواش والراكيت.
مادة ذات خواص مميزة وفريدة بدأت تنتشر في العالم المتقدم، وربما علينا أن ننتظر أن يكتشفوا كل مزاياها واستعمالاتها قبل أن تصل إلى عالما النامي، في حال وصلت قبل أن تنقرض ويكتشف ما هو أشد تطوراً منها، كما جرت العادة.
شاهدوا الفيديو لمزيد من التفاصيل :