وقف المبعوث الأميركي إلى سوريا جيمس جيفري في 12 مايو/أيار الماضي يُلقي كلمة أمام جمع من الحضور في معهد “هدسون” الكائن في العاصمة الأميركية واشنطن، فقال الدبلوماسي الأميركي يومها دون أن يلتفت إليه الكثير إن مهمته في سوريا تقوم على تحويل سوريا إلى “مستنقع للروس”. في الكلمة ذاتها أيضا، اجتهد جيفري في إزاحة الافتراضات كافة التي تتحدث عن أن بلاده قد دخلت طريقا مسدودا في سوريا كما هو الحال في أفغانستان، بل حاول التأكيد أن الولايات المتحدة بدأت تجني حصاد سياسة نجاح لها في سوريا، وواحدة منها هي تحويل سوريا من “مورد للروس إلى عبء على كاهل كلٍّ من موسكو وطهران”.
ورغم إصرار الأميركيين حتى هذه اللحظة على أن هدف جهودهم كافة في سوريا -وآخرها إدخال قانون “القيصر” حيز التنفيذ- أنهم يريدون تأمين قبول النظام السوري بوقف غير مشروط للحرب، ومن ثم البدء بمفاوضات سلمية تصل بالسوريين إلى صناديق الانتخابات، فإنه أصبح من البديهي أن الموقف الروسي هو الذي لا يزال يحول دون تحويل “نصر” الأسد إلى رماد كما تريد واشنطن التي دُفعت مؤخرا إلى شد وثاق التطويق الاقتصادي حول رقبة نظام الأسد بشكل غير مسبوق، إذ تصر واشنطن على الحفاظ على جبهتها الموحدة مع الاتحاد الأوروبي والتي تحول دون توفير أي أموال لإعادة إعمار سوريا (تقدر بقرابة 250 مليار دولار) دون التزام حقيقي من الأسد بتطبيق “انتقال سياسي شامل وحقيقي يضم الجميع، تتفاوض عليه أطراف الصراع السورية على أساس قرار مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة رقم 2254”.
ولأن موسكو أصبحت أكثر يقينا أن الأسد الذي خسر ثلاثة أرباع سوريا لن يكون في المستقبل القريب أكثر مرونة مع المجتمع الدولي، فقد تدفع السياسة الأميركية روسيا إلى التخلي عن نظام الأسد كخيار اضطراري بدلا عن استمرارها في الغرق في صراع لا يبدو فيه أكثر الأنظمة الديكتاتورية وحشية في الشرق الأوسط مستعدا لمراعاة مصالح الحليف الروسي.
لم يكن المصور العسكري السابق لدى النظام السوري الذي يُعرف باسم “قيصر” يُدرك مدى تأثير قراره الفرار من مناطق النظام وفي جعبته العسكرية 55 ألف صورة تُوثِّق حالات التعذيب والقتل الممنهج التي نالت من آلاف المعتقلين السوريين منذ اندلعت الثورة السورية في العام 2011.
فالمصور الذي استطاع الوقوف أمام الكونغرس الأميركي في العام 2014، أصبح بعد ستة أعوام من نشره لآلاف الصور التي تُظهِر بعضا من أهوال ما يحدث داخل سجون النظام صاحبَ الفضل الأول في فرض العقوبات الأشد وطأة على هذا النظام، إذ قررت الولايات المتحدة في 17 من يونيو/حزيران الماضي العمل بـ “قانون قيصر” الذي شمل سلسلة عقوبات اقتصادية تستهدف اقتصاد النظام السوري وكل مَن يتعامل معه، حيث تُمكِّن في هذا القانون من سد الثغرات كافة التي نالت من أنظمة العقوبات السابقة، وساعدت على مدى عقد من الزمن في أن يتلقى الأسد دعما عسكريا وماليا من حلفائه الروس والإيرانيين والصينيين وبالتالي تخفيف أثر العقوبات الأوروبية والأميركية عليه إلى حدٍّ كبير، بل إن قانون قيصر الآن يحول بشكل كبير دون استخدام النظام السوري للاقتصاد اللبناني كحديقة خلفية لممارسة أعماله الاقتصادية، ويُلقي القانون بعقبات نوعية في مسار الأنظمة الخليجية وأولها الإمارات التي اتجهت نحو تطبيع علاقاتها مع نظام الأسد.
لذا قبل مُضي شهر واحد على تطبيق “قانون قيصر” أخذ النظام السوري يتلقى الضربة تلو الأخرى، فلم تكن أولى تبعات هذا القانون المزيد من الفقر لسكان مناطقه، حيث يواجه نحو 80% من مواطنيه الفقر بعد فقدان الليرة السورية ثلثي قيمتها منذ بداية العام، فيما يعاني نحو 9.3 مليون سوري من انعدام الأمن الغذائي، وهي ظروف أدّت إلى تجدُّد الاحتجاجات في مدن سورية حيوية مثل درعا والسويداء.
ومع كل ما سبق، يكاد لا يُستدل على أزمة النظام الاقتصادية بأهم من حادثة ظهور خلاف الأسرة الحاكمة في سوريا إلى العلن، إذ كان “كبش الفداء” الأول لحل أزمة النظام الاقتصادية هو عرّاب الإمبراطورية المالية لتلك الأسرة وابن خاله رامي مخلوف، حيث وجد النظام في السيطرة على أموال مخلوف فرصة لإنقاذ اقتصاد الدولة المتدهور، وسرعان ما اتخذت ضد عمود الاقتصاد السوري عدة إجراءات بدأت باستيلاء المديرية العامة للجمارك على بعض أصوله ثم بصدور غرامات كبيرة، تحملت شركة “آبار بتروليوم سرفيس” لنقل الغاز والنفط ومقرها بيروت العبء الأكبر منها، لتصبح فيما بعد جمعيته “البستان” التي تضم قوة شبه عسكرية قوامها 20000 رجل تحت “إشراف القصر”، كما استخدم النظام وسائل ضغط على مخلوف خارج حدود سوريا، ففي منتصف إبريل/نيسان الماضي ضبطت مصر شحنة من الحشيش مخبأة في منتجات ألبان تُنتجها شركة “ميلكمان” التي يملكها مخلوف، حيث لم يجد الملياردير المحاصر حينها إلا نفي المسؤولية، لكن أمر تقييد أنشطته الاقتصادية كان يتفاقم.
المؤكد أن حادثة الخلاف مع مخلوف هي محاولة من قِبل النظام للاستجابة للضغوطات الروسية الساعية لدفع النظام لاستعادة قواه الاقتصادية، ففي دراسة روسية صدرت في 17 إبريل/نيسان 2020 عن المجلس الروسي للشؤون الدولية تتحدث بأن موضوع تعافي الاقتصاد في سوريا غير ممكن إطلاقا، وهو ما يقوّض الرغبة الروسية في الاستفادة من مشاريع إعادة الإعمار، كما تتحدث الدراسة عن أنه “لا يمكن أن يكون الواقع العسكري الجديد مستداما، بدون إعادة البناء الاقتصادي وتطوير نظام سياسي يعتمد على نهج شامل حقا وموافقة دولية، وهذا مهم بشكل خاص، لأن الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2021 ليست بعيدة”، فعلى سبيل المثال، وجد السوريون الذين يمكنهم السفر إلى بيروت والحصول على الأموال النقدية والبضائع أموالهم عالقة في البنوك اللبنانية مع انهيار الليرة اللبنانية لدرجة غير مسبوقة في الأشهر الأخيرة.
بيد أنه لا يمكن تجاوز حقيقة أن الحراك ضد مخلوف الذي أخذ منعطفا دراماتيكيا هو شكل من أشكال استجابة النظام لطلب روسيا استرداد أموال أُنفقت في دعم الأسد عسكريا، حيث اعتُقِل سبعة من مديري الأقسام والفنيين في شركة مخلوف بالتعاون مع الشرطة العسكرية الروسية، فموسكو زادت من استيائها من المشكلات الاقتصادية السورية وانتشار الفساد، ومن أجل زيادة الضغط على الأسد لتنفيذ خطتها الدبلوماسية في سوريا، طلبت منه تحمُّل بعض النفقات مما دفعه إلى الاستعانة بأموال مخلوف، لذا عندما رفض مخلوف الدفع لم تتوانَ موسكو عن نشر مقاطع فيديو تُظهِر مدى الرفاهية التي يعيشها أبناء مخلوف.
في أواخر مارس/آذار 2020، سافر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إلى الأراضي السورية بشكل مفاجئ ودون أن يأبه لتبعات جائحة الفيروس التاجي (كوفيد-19) الذي انتشر في بلاده والعالم أجمع، رافقه في رحلته تلك رئيس وحدة المخابرات الروسي الأدميرال إيغور كوستيوكو، فيما تولّت تغطية موكبه حتى وصوله مقر إقامة الرئيس النظام السوري في دمشق المقاتلات والمروحيات الروسية، وقد قضى شويغو بضع ساعات في مناقشة قضايا سرية يبدو أنه لم يكن بالإمكان أن تُناقش عبر الاتصال الهاتفي أو المرئي مع بشار الأسد.
بعد انتهاء الزيارة، ما خرج لوسائل الإعلام اقتصر على مشاهد أظهرت مدى الإيثار الروسي عبر تسريع البحرية الروسية بتقديم المساعدة الطبية لمواجهة تفشي الفيروس التاجي في أراضي النظام، وهو ما لم يخرج عن إطار التعامل الروسي القائم على تعزيز مصالح الكرملين في سوريا عبر المساعدة متعددة الأشكال للبلاد التي تعتبر حجر الزاوية في ركيزة النفوذ الروسي في المنطقة، فقد أراد بوتين أن يُنظر له على أنه في خط المواجهة الأول في مكافحة الفيروس التاجي هناك، وأنه أولى مَن يذهب إلى سوريا للتعامل مع الفيروس.
بيد أنه لم يمضِ الكثير من الوقت حتى تسرّبت الأسباب الأهم حول ما حمله شيوغو للأسد، إذ جاءت الزيارة لدفع الأسد نحو تنفيذ الاتفاقيات التي توصل إليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول معقل المعارضة السورية إدلب (غرب سوريا)، فقد أراد بوتين من الأسد تجنُّب أي احتكاكات مع الأتراك في طريق إدلب السريع “أم 4″، إذ كان محور الاتفاقية بين الجانبين هو إنشاء ممر أمني بعرض 12 كيلومترا يوفر طريقا إستراتيجيا بين المدن التي تُسيطر عليها حكومة الأسد في حلب وميناء اللاذقية على البحر المتوسط، والأهم بالنسبة للروس ضمان بقاء هذا الطريق مفتوحا للسيارات الروسية، حيث توجد القاعدة الروسية البحرية الوحيدة خارج روسيا في طرطوس التي تقع في جميع إدارات محافظة إدلب، فحسب ما نصّت عليه اتفاقية وقف إطلاق النار التي دخلت حيز التنفيذ في 20 مارس/آذار الماضي تريد موسكو أن تؤمّن مصالحها في المنطقة، لكنها تعي أنه في الوقت الذي حقّقت فيه مكاسب لصالح النظام فإن بشار الأسد يبدو غير مستعدٍّ للاستماع إلى نصيحة موسكو بتقديم بعض التنازلات لـ “أعدائه”، ذاك العناد نفسه الذي يحول دون تنفيذ ما تريده روسيا من خلق تحالف دولي يدفع نحو إعادة إعمار سوريا بعد إيجاد حكومة شرعية معترف بها من قِبل المجتمع الدولي، ففي الوقت الحالي موسكو مجبرة على تقليص التزاماتها تجاه النظام السوري، وتريد أن تجني في أقرب وقت حصاد مساعدتها العسكرية للنظام مدفوعة بمزيد من الضغط بسبب تفشي وباء كورونا المميت فيها، وبسبب تراجع أسعار النفط الذي أرهق الاقتصاد الروسي المكبّل بعقوبات الاتحاد الأوروبي بشكل أكبر من أي وقت مضى.
ورغم أن الكرملين يُدرك أن الأسد الذي وُلِد من رحم دولة أمنية لا تستوعب خصومه السياسيين، فإن موسكو حاولت خلال السنوات الماضية أن تدفع الأسد لتقديم تنازلات سياسة محددة تهدف لكسب تأييد الأمم المتحدة لترشحه في الانتخابات عام 2021، لكنها الآن تعمل بجدية أكثر بعد ما أصبح كل ما ربحته عسكريا مرشحا للخسارة من دون الوصول إلى تسوية سياسية، فالصدمة المزدوجة (انهيار أسعار النفط ووباء كورونا) دفعت بوتين نحو العمل بجدية أكثر لإنهاء مغامراته العسكرية في سوريا، وجعلته يُصِرّ أكثر على أن يُبدي الأسد مرونة في المفاوضات على المعارضة حتى الوصول إلى تسوية سياسية تُنهي الصراع المستمر منذ عام 2011، ناهيك بتفاقم تبعات العقوبات الغربية والأميركية على النظام الروسي، حيث فرض الكونغرس الأميركي عقوبات على الشركات التي تبني خط أنابيب “نورد ستريم 2″، وهو مشروع الطاقة الأوروبي الرئيسي في الكرملين، وكذلك وجّهت إسرائيل وقبرص واليونان ضربة بالإعلان عن بناء خط أنابيب غاز إلى أوروبا الذي يمكنه أن يقوّض ربحية “نورد ستريم”، أضف إلى ذلك تبعيات مقتل حليف موسكو الإيراني الجنرال قاسم سليماني في بغداد، وهي أسباب ضاعفت بجدية من حرص روسيا على إجراء تغييرات في سوريا بعد أن أضحت حماية الأسد عبئا قد يجر موسكو نحو السيناريو الأفغاني.
وبالإضافة إلى ما سبق ذكره من عوائق إعادة إعمار سوريا تحول الرغبة الإيرانية في عدم تحقيق الاستقرار في المنطقة في إطار المعركة مع واشنطن من تحقيق موسكو لما تحتاج إليه، فمع وجود رئيس كالأسد يُسمِع الروس ما يريدونه وفي النهاية يُنفذ مطالب إيران ترجح كفة الميزان لصالح طهران، فهي الآن الفاعل الوحيد القادر على توحيد الميليشيات العسكرية مع هياكل الجيش النظامي، حيث تأتي محاولات روسيا الآن بإنشاء ميليشيات موالية لها في شرق حلب على أساس قوات الدفاع المحلية أو في القنيطرة من أجل إرسالهم للخدمة في ليبيا لصالح خليفة حفتر كدليل على أن تأثير موسكو على النظام العسكري والأمني السوري ليس بمستوى القوة الإيرانية، وعلى مستوى أكثر وضوحا يحد دعم إيران الثابت للأسد من تأثير روسيا على السياسة الداخلية.
قد تبدو التكهنات المتكررة حول أن موسكو تريد التخلص من النظام السوري القائم أو أنها تُهندس انقلابا في دمشق لاستبدال الأسد بآخر أمرا خياليا إلى حدٍّ ما، لكن ما يبدو واقعيا ملموسا هو أن التذمر الروسي من الأسد آخذ في الازدياد أكثر وأكثر، ويزيد التكهنات حول أن موسكو التي سئمت من الحرب الطويلة قد تصبح مجبرة في حال فشلت في إجبار الأسد على تقديم تنازلات تضمن بشكل عاجل نزع اعتراف دولي بالقيادة السورية على تفضيل إزاحة الأسد وإحلال قيادة جديدة مكانه.
في الفترة الأخيرة، ظهر حجم الخلاف الروسي مع الأسد حين شنّت وسائل إعلام روسية هجوما غير مسبوق على النظام السوري رُوِّج فيه لكون بشار الأسد رئيسا يرعى الفاسدين، ووصلت الأمور إلى حد نشر شركة بحوث روسية استطلاعا يفيد أن 32% فقط من السكان المقيمين في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام ينوون التصويت للأسد في الانتخابات المقبلة. ويدرك الروس أنهم في حاجة ماسة الآن إلى ترجمة المكاسب في ساحة المعركة إلى حلٍّ سياسي مستقر، وأولى خطوات ذلك تتمثّل في إيجاد مَن يمول مشاريع إعادة الإعمار في سوريا، لتعويض تكلفة تدخلهم العسكري عبر الاستفادة القصوى من الاتفاقيات التي وقّعوها مع النظام السوري، لكن ذاك يصطدم بإصرار الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية على استباق أي عملية تمويل إعمار بعملية انتقال سياسي في سوريا تضمن إنهاء الصراع الذي اندلع في العام 2011 بلا عودة كما أسلفنا.
ورغم أن موسكو غير مستعدة لقبول انتقال سياسي في سوريا على غرار الخطوط المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 خوفا من احتمالية أن يؤدي إسقاط الأسد إلى الانهيار الفوضوي للنظام السياسي، فإن المعضلة الأساسية هي تعنُّت النظام أمام إحداث أي تغيير في بنيته يُرضي المجتمع الدولي، فأي تغيير لا يرى فيه النظام إلا فرصة لإضعافه إن لم يكن بشكل عاجل فسيكون في المستقبل، ودليل ذلك أن الأسد قوّض حتى التطلعات المتواضعة للعملية التي تقودها الأمم المتحدة لإصلاح الدستور السوري التي وصفها المسؤولون الروس في البداية بأنها خطوة مهمة على “طريق طويل” نحو السلام، وفي المحادثات التي قادتها الأمم المتحدة في جنيف لإدخال بعض المنافسة السياسية أواخر العام الماضي قام وفد النظام “بتخريب” المفاوضات عمدا مما وضع المفاوضات بشكل عاجل في طريق مسدود.
الحال السابق أعاد الروس إلى حقبة الخمسينيات، حين فرض تعنّت الأسد الأب تعقيدا على الشراكة بين الدولتين، فرغم المساعدات الكثيرة التي قدّمها الروس آنذاك للنظام السوري وجد الروس أن حافظ الأسد من الصعب السيطرة عليه، لتتلاشى حينها العلاقات الثنائية التي عادت في العام 2005 حين زادت الضغوطات الأوروبية على سوريا فعجّل الروس نحو اغتنام الفرصة التي تمنحهم سياسة خارجية مستقلة، وما إن حل العام 2015 وقررت موسكو التدخل العسكري في سوريا لم يكن الكرملين ينظر إلى الأسد إلا كأداة يمكن الإلقاء بها في ظروف ما، ففي سوريا التي تنافس على أرضها موسكو خصمها الرئيسي الولايات المتحدة، وضع بوتين قوته العسكرية في خدمة دمشق منذ نشر سرب من الطائرات الروسية في قاعدة جوية بالقرب من اللاذقية في شهر سبتمبر/أيلول من العام المذكور، وسجلت تلك الخطوة الروسية كأول انتشار عسكري لروسيا خارج الحدود السابقة للاتحاد السوفيتي منذ غزوها لأفغانستان عام 1979.
في المحصلة، ورغم أن الإستراتيجية الأميركية بعيدة حتى الآن عن تحقيق هدفها النهائي بتغيير حسابات الروس في سوريا، ومع التأكيد أنه لا يزال الأسد وروسيا بحاجة إلى بعضهما بعضا، فإنه مع احتمالية أن يفسد الأسد خطط بوتين تحضر معها إمكانية أن تتخلى موسكو عن الرئيس السوري، خاصة أن الأسد مُصِرٌّ على تعريض المصالح الروسية في المنطقة للخطر، والرسالة الواضحة الآن هي أن على الأسد الحرص على عدم معاداة الحليف الروسي إذا أراد البقاء على رأس السلطة.
المصدر: الجزيرة