صورة الوجه الآخر من سوريا الحية.
شبكة العاصمة اونلاين – خاص
سلسبيل زين الدين
أسفرت الحرب في سورية عن مقتل أكثر من 250000 شخصاً ، وملايين من المشردين الذين لجئوا الى اوربا او البلدان المجاورة، مع حجم دمار هائل جدا ليكون من الغريب وجود مناطق داخل البلاد تبدو في الغالب بمنأى عن الحرب.
الصُورة المختلفة
واحدة من تلك الأماكن هي اللاذقية، في شمال غرب سوريا وهي معقل الطائفة فالقتال لم يعد بعيدا، والآلاف من الناس الفارين من أماكن أخرى وصلت هناك، تزايد عدد السكان و تضخمت متطلبات الخدمات المحلية. ولكن على الانستقرام، اللاذقية تصُور مكانًا ثقافيًا مختلف ووجه لا تراه في الاعلام عادة. صُورة للشواطئ والمطاعم والمشاهد الخلابة، التي ستجزم مطلقًا أنه لا يمكن أن تكون جزءًا من سوريا.
مهنة المصُور ليست بالأمر الهين حيث تلتقط الصُورة ثم تنشرها لتكسب عددا من المتابعين، بل هي قضية تحملها على عاتقك، تنقل المعاناة و كل ما هو جميل، أن تنقل الصُورة كما هي بشكل مبدع. الصُورة هي أن تترك بصمة في قلب شخص لا يعرف أي تفاصيل عن الصُورة، الصُورة هي الحروف التي تروي كل القصة.
أشرف زينة، أحد أشهر المصورين في اللاذقية، لديه الكثير من المتابعين على الانستقرام والفيسبوك. يصُور أشرف من خلال عدسته وجه سُوريا ليس الجميل فقط بل تعدد وجوه سُوريا. وعلى حد وصفه فإن لكل صُورة قصة. فيروي بعض القصص لبعض الصُور.
الصُورة تروي
يصف أشرف هذه الصورة التي التقطها لأطفال يلعبون ويضحكون ” كُنت أصُورأحد حفلات الزفاف، حتى لّوح لي أحد الأطفال، اعتذرت من العروسين والتقطت هذه الصُورة”. العديد من الأطفال في الصُورة شهدوا القتالات العنيفة والمشاهد المؤلمة ففروا الى اللاذقية حفاظًا على أرواحهم. فيؤكد أشرف ” الصُورة تعطيك بعض الأمل، رغم كل ما شهده هؤلاء الأطفال إلا ان الابتسامة لازالت ترتسم على وجوههم، يحاولون عيش طفولتهم بأي شكل من الأشكال”.
في مشهد مختلف تمامًا وجد أشرف أحد الرجال بلا مأوى في احد حدائق اللاذقية. كان الرجل في شبه حالة سُكر أو حُزن، تقاسيم وجهه وتعابيره تروي قصة بؤس. سأله أشرف إن كان بامكانه التقاط صُورة. وافق على شرط واحد أن يدفع له ثمن الصُورة. يقول أشرف” قد أستطيع الدفع له، لكن هل باستطاعتي رسم الابتسامة على وجهه في أي حال من الأحوال؟”.
قد يكون أمرًا جميلًا خوض تجارب مختلفة، فأشرف سعيد بالتقاط بعض الصُور لفيلم يعمل عليه رغم أن الحرب مشتعلة. ولكن في نفس الوقت يشد رحاله بشكل مستمر الى مخيمات اللجوء محاولًا نقل صُورة النازحين الذين فروا من النزاع. فكانت هذه الصُورة الأخيرة لأحد اطفال المخيمات الذي غرق في النوم رغم هول ما شاهد وعايش.
يقول أشرف” ربما لم تخض اللاذقية في نار الحرب مباشرة، إلا أن الكهرباء تنقطع بشكل مستمر ونعاني من سوء الخدمات العامة” بشكل أو بآخر فإن الحرب قائمة والحياة أيضَا قائمة. قد تستطيع قتل شعب وحصاره واختطافه، ولكن لن تستطيع منعه من العيش أو محاولة العيش. وعلى الرغم من الوضع المتوتر والحياة المخيفة التي لا تحدد مستقبلًا مشرقًا إلا أن أشرف يود البقاء في سُوريا ولا يفكر في الهجرة أبدًا، كل ما يهمه مواصلة التقاط الصُور.