شبكة العاصمة اونلاين – خاص
سلسبيل زين الدين – الرأي
يحتفل العالم الإسلامي اليوم بعيد الأضحى في شتى بقاع العالم، وذلك بعد أيام من العبادة في شهر ذي الحجة وقضاء مناسك الحج. معالم الفرحة قد تغزو جميع البلدان العربية والإسلامية، ولكن تبقى هذه المشاعر منقوصة في البلاد العربية سوريا وفلسطين والعراق و مصر.
الحال السوري لا يخفى على أحد، ومنذ اندلاع الثورة، انقلبت الأمور رأسًا على عقب، وتحولت كُل أيام الأفراح والمسرات إلى أيام من الحُزن والأسى، فلم يعد يمُر العيد كسابق أيامه التي خلت، يعود العيد كُل عام يحمل معه من الوجع أكثر من الأمل والحزن أكثر من الفرح.
عادات اندثرت وظروف تغيرت
اعتاد السورين صلاة العيد في الساحات والمساجد، ولكن الهدوء الذي يطغى صباح العيد اليوم كان أشبه بمدينة أشباح، فالتخوف من الذهاب للمساجد والصلاة كان أكبر من الشعور بفرحة صلاة المسلم في المسجد وخاصة بمناطق النظام، بغصة تقول ريم ( 20 عاماً) والتي تعيش في دمشق : ” لم تعد أمي تسمح لي بالذهاب للصلاة، حتى بعض الرجال يحذرون من الصلاة، الشوارع فارغة ولا أجواء تظهر العيد الذي اعتدنا عليه”.
ومع ارتفاع الأسعار وتدهور الوضع الاقتصادي في سوريا، بات أمر الحصول على أضحية وتنفيذ مشاعر العيد بذبح الأضاحي وتوزيعها على الفقراء، أمرٌ يصعب على الكثير، فالكل هنا فقراء، والكل محتاج، وحتى أسعار الأضاحي أصبحت بشكل جنوني، مما يحرم الكثيرين من أداء سنة من سنن العيد.
حتى الأسواق باتت خاوية على عروشها، الطرقات فارغة إلا من القليل المتجولين للبحث عن أرخص ما يمكن لشرائه، فتقول الحاجة أم سعد ( 40 عامًا) : ” أسعار الملابس غالية جدًا بشكل لا يطاق، لدي من الأطفال خمسة، لم أستطع كسوتهم للعيد” فترجع أم سعد الى أطفالها بخفي حنين، أو حتى بلا خفين.
هذا ويشتهر الشعب السُوري بصنعه لألذ أنواع الحلوى وأشهاها، فلا ألذ ولا أطيب من حلوى الشام، ولكن يمر العيد منذ أعوام ولا تصنع الأمهات الحلوى فكما تقول نور (15 عامًا) : ” طعم الفول النابت ألذ من الحلويات والكعك، وصحي أكثر” في مشهد تسخر فيه من الوضع القائم، حيث أن ارتفاع الأسعار وعدم توفر المواد الغذائية يمنع الكثيرين من الاحتفاء وصنع أي نوع من الحلوى، حتى الحُزن الذي طرق كُل أبواب سوريا، لم يسمح للفرح بالمرور لحظة.
اعتاد الجميع على زيارات الأهالي وتوزيع العيدية، وخروج الأطفال للملاهي والحدائق، ولكن الأمر بات صعبًا في أغلب المناطق التي تدور في رحاها الحرب، ومحاولات فاشلة حتى في الأماكن الهادئة التي يشوبها الخوف والقلق، أحد الأطفال محمد قاسم (12 سنوات) يقول “والدي لم يشتر لي في هذا العيد ألعاب ، ومفرقعات ” ، ويضيف ” لم يسمح لي بالخروج من المنزل للعب من أصدقائي ” مشيرا في الوقت ذاته إلى عدم وجود ألعاب نصبت في الساحات ، كي يلعب الأطفال ويمضون وقتا في تلك الأماكن المخصصة للتسلية وقضاء الوقت .
وبجانب كل ذلك، فإن معاناة أهالي المعتقلين والمختطفين تذكرهم صباح كل عيد، بالابن أو الابنة أو الزوج المفقود الذي لا يعلم أحد أهو بين الأحياء أو الأموات، فيمر العيد بغصة الفقد والشوق والوجع، وتبقى المعاناة السُورية تلوح بالشعب عيدًا تلُو عيد، وتسيل دماء صباح كُل عيد ليس دماء الأضاحي، بل دماء أهل سوريا الأطهار، لتختفي تمامًا ملامح العيد وتنكس أعلام الفرحة.