كُتب الجهاد على الفلسطيني.. في فلسطين وغيرها
شبكة العاصمة اونلاين-خاص
سلسبيل زين الدين
مع اندلاع الثورة السورية، اشتعلت المخيمات الفلسطينية في الشتات السُوري، وتدخلت الأحداث لتحطم أبوب الفلسطينيين وتحيل حياتهم لرحلة لجوء وموت جديدة. يسطرها التاريخ والإعلام وقصص أهالي المخيم.
فكانت تلك فرصة “محمد الخطيب” ليخرج لمساعدة الناس في حراسة المدارس والمخيم. يقول ابنه: لم نكن نراه، حتى إن عاد يعود لساعات قليلة، ثم يستعجل الذهاب” كانت والدة عمر تشعر بالضيق وتحاول منعه في مرات كثيرة ولكن رده الوحيد كان ” الله باعتلي إياها وبدكن تحرموني الجهاد، نويتها لله”.
رحلة الفقد
وفي تاريخ 25/3/2013 بعد خروجه من منزله، فقد أثر محمد بعد أن تم اختطافه بعد مراقبة طويلة له. وبعد محاولات من البحث، رن الهاتف فجأة في المنزل ليسمع أهله صوت التحقيق وصوت صراخه وتم إقفال الهاتف دون أي خبر عما يحدث له. وكعادة المرتشين حاولوا استنزاف العائلة ماديًا لإيهامهم بحصولهم على معلومات عن المفقود كأسلوب سرقة متعمد.
بقيت العائلة في حيرة وخوف ولم يهنأ لزوجته وأطفاله عيش، مرت سنة كاملة حتى وصلتهم بعض الأخبار أنه على قيد الحياة ويعيش في احد السجون مع بعض ” الإجراءات القليلة “. وتم اخبار العائلة أنه يمكنهم زيارته في السجن. قررت زوجته زيارته والتحامل على نفسها، ولكن تقول أم عمر ” إذا بتنزلي دمعة وبصلهن راح يعذبوه ليموت، فقلنا منصبر ليطلع لحالو” ولم تتسنى لها رؤيته.
انكشاف المستور
حبل الكذب لم يطل حتى بعد مرور السنين، وانكشف الستار في تاريخ 9/3/2015. في صبيحة هذا اليوم رأى أهل محمد صورته على الانترنت شهيدًا. يقول ابن محمد ” الصورة بتقول أنه مستشهد من أول يومين، شعره ودقنه مو طولانين، ونفس ملابسه، كانت صدمة كبيرة على الجميع” تنهد قليلًا ثم قال: ” مالو معذب كتير، الحمدلله.” ويضيف ” ما وصلتنا جثته، ومتل ما بحكو العالم اندفن في المقبرة الجماعية”.
” أيام الخير ما كان معي فلوس اطلع مع والدي للعمرة، والدك يا عُمر أعطاني فلوسه وقلي اطلع عمرة مع والدك” هذا ما اخبره به احد أصدقاء محمد ابنه، حيث التقاه صدفة بعد مرور سنين على رحيل والده ظُلمًا وبهتانًا. بكى صديق محمد رحيله و شهد كما شهد الجميع على أخلاقه وحياته المميزة، وعلى بذله للخير في كل مكان وكل زمان.
وكأي أرملة جار عليها الوضع السياسي والاجتماعي، وأحاطت بها أسباب القدر. تحملت مسؤولية أطفال أيتام وإعالتهم، مع الحزن الجاثم على الصدر، والخوف الذي يقض كل مضجع. فإن رحل الأب اليوم، فمن يعلم بما يخفيه الغد للأحياء هنا.
كبر ابن محمد، وأصبحًا شابًا يتمثل في وجهه ملامح والده التي تثقل ذكريات والدته. حركاته التي تشبه والده يومَا عن يوم تزداد. حتى أحاديثه وشخصيته ما كانت إلا لتكون نسخة عن والده. وهذا ما يشعل قلب الأمل التي ترى في وجه ابنها زوجها الفقيد. قد يكون وجهه ذكرى ولكنه علامة وجع لا تنسيهم الظلم الذي كان ولا زال.