محاولات سينمائية سورية لرصد معايشات أهلها
” بلح تعلق تحت قلعة حلب “
شبكة العاصمة اونلاين – خاص
سلسلبيل زين الدين
بعد مضي خمس سنوات على الثورة السورية رسُمت صورة ذهنية لدى العالم، أن الأرض السورية أصبحت دمارًا وصحراء قاحلة من البشر. ولكن على الرغم مما يتعرض له الشعب السُوري من جميع أطراف النزاع، إلا أن هنالك بشر لازالوا يتنفسون ويحاولون القتال لأجل العيش. خلف كل شخص هناك قصة، هم أرواح وليسوا أعداد.
بلح تعلق تحت قلعة حلب
فيلم “بلح تعلق تحت قلعة حلب” هو فيلم وثائقي للمخرج اللبناني محمد سويد يسجل فيه معايشات يومية من شوارع مدينة سورية يمزقها الرصاص والقصف والتفجير. لو تأملت في اسم الفيلم ستعرف أنها جملة شهيرة في اللغة العربية لا يتغير لفظها ومعناها إذا ما قرئت مقلوبة من آخرها إلى أولها، فجاءت مناسبة لحال السوريين خصوصا في حلب.
الكاميرا تبدأ الرحلة مع أحد القادة الميدانيين في الجيش السوري الحر، فتنتقل معه إلى مواقع القتال وعند الطوابير الطويلة أمام المخابز وعلى الطرقات بين مواقع المعارك، وأماكن راحة المقاتلين ومواقع معالجة الجرحى. يحاول الفلم تتبع الصورة للمقاتلين وحلب التاريخية، ولكن ينبش بين الجدران عن أهل حلب، يرصد نظرات الخوف والتوجس، يراقب تحركاتهم وحديثهم، يخفضون أصواتهم عند الحديث عن الثورة.
المدينة تضج بالتفاصيل التي أظهرها الفيلم، حيث صوت الأذان وخروج الناس للصلاة في وقتها، إطلاق اللحى الذي كان تقليدًا واتباعًا لسنة النبي ولكن حُرمت عليهم بسبب النظام، من الأمور اللافتة ايضاً هو طابور الخبز، من الممكن أن يقف أمامه الناس ثلاث ساعات. ويظهر الفيلم أيضَا المعايشات اليومية لأطفال سوريا حيث خلقت هذه الأزمة ثقافة خاصة على الأطفال، بحديثهم عن القنابل والقتل، وما يشاهدونه من تحولات نحو الجهاد.
نجاحات وصعوبات
تفاصيل كثيرة نجح في التقاطها ثلاثة مصورين ميدانيين هم محمود الباشا وميزر عامر ومهند النجار خلال العام 2012، تفاصيل يعود بعضها إلى وقت ما قبل الثورة بكثير، إلى ما قبل 40 عاما تقريبا، حيث يروي النجار عن والده الضابط في الجيش السوري والذي اختفى منذ كان عمره شهرا واحدا فقط لأنه كان يصلي.
وقد واجه مصورو هذا الفيلم الكثير من العوائق ، حيث صور كُل منهم جزء على انفراد دون أن يكون عملًا جماعيًا، حتى المخرج نفسه ولأول مرة ينتج فلمًا لم يستطع يكون معهم على نفس ساحة، ولم يشارك في تصويره، بسبب خطورة التجوال والتصوير حيث انها لم تكن أبدًا مهمة سهلة في ظل الأوضاع المتوترة.
وتأتي هذه التجربة السينمائية غنية بالمشاهد الجديدة التي تظهر حقائق عن سوريا المختلفة عما يظهره الإعلام من قصف ودمار وقتلى دون البحث عما خلف الجدران وما يعيشه الأحياء من السوريين. تميز الفيلم برصده لبعض الآراء ووجهات النظر التي لا تظهر للعيان بسهولة.